تركيا: مؤخرة الغرب ومقدمة الشرق .

تركية التي نقلها مصطفى كمال أتاتورك من مقدمة الشرق إلى مؤخرة الغرب ، معتبراً أن مؤخرة الغرب هي أفضل من مقدمة الشرق .
هذا فيلسوف كبير وقائد فذ ، ليس باستطاعتي أن أجادل طرحه ، إلا من خلال الفرق الزمني بين وقتي ووقته .
تركيا إلى الآن لم تختمر مع طرح أتاتورك . ربما لأن كنهها وجذوتها ليست غربية .
وهي إلى الآن غير مقرّة بآسيويتها ، وغير قادرة على اللحاق بأوروبيتها .
غير مذعنة لشرقيتها ، وغير مكتملة المعنويات أمام الغرب .
تدير وجهها نحو الغرب ، كطفل يمشي خلف أمه ويمسك بطرف ثوبها كي لا يضيع ، لأن أمه منشغلة عن المسك بيده في زحمة وصعوبة السوق ( العلمي والتجاري والأفق والحضارة ... ) .
ثم تنكأ ذاك الطفل إبرة من ماضيه الإمبراطوري ، فيلتفت للحديقة الخلفية ليشحن معنوياته .
يلاحقه ماضٍ ، ينكأ به إرهاصات عتيقة . الباب العالي ، الدولة العليّة . فتطلق بوقها لأناضوليتها العزيزة . فيفتح أحدهم باب ضمن عتمة ذاك الباب ويقول لهم : لماذا لا تلجوا أكثر في الغار كي تنفضوا الغبار عن أنكم أتيتم في مؤخرة ثوب المغول كي تعرفوا إسمكم الحقيقي في التاريخ والمسجّل ( تتار ) ؟؟ .
أجل ، تتار وإرثكم الأدبي والحضاري ضحل ، كيف لا وقد خرجتكم من بلادنا تكتبون بحروفنا ؟؟.
نعم ، تتار ، لأن آثار ذلك الأصل من التاريخ تبدو واضحة و صريحة على وجه حفيده ( الأناضول العثمانيون ) حين دخلتم على شرق أوروبة والعرب وإيران واليونان كثور هائج قوته خارقة دخل غرفة كلها كريستال ، بل متحف يعج بالقطع الثمينة الكريستالية .
يقول لها أحدهم : أرمينية جرمٌ مشهود .
فترد عليه : صوص ولان ، أدب سيس خسيس ، أندبوري .

تركية ، تصبو أن تجلس مثل آذن على عتبة بيت الغرب ليسترق السمع على البيت المجاور ، أم تجلس في صدر مضافة الشرق تربط وتفك برأيها ؟؟. اسألوها ، فلن تعرف الجواب .
إنها تشبه زكي موران ، عرّاب الغناء بها ، صوته يجلجل الصخر بوقاره وقوته ، لكنه جنس ثالث ، واسألوها عن ابراهيم تاتليسيس ، صوته يمجد الخالق برقته ورهافة إحساسه ، إنه عصارة الإحساس بالغناء ، لكنه مجرم مافيا لا يتردد عن قتل طفل .

اسألوها ، فلن تعرف الخيار بين الأربكانية و الأردوغانية من جهة ، وبين الأتاتوركية من جهة . ويلها لو فتحت بوقها كي تذكّر العالم بعز ماضيها ، فيعرض لها العالم فيديو عن ثور يكسّر الكريستال . ويلها لو فتحت بوقها تذكّر العالم بحجمها ومكانها حالياً ، فيعرض لها العالم أن أي حكومة في تركيا كانت تنتظر بسمة من الرئيس الراحل حافظ الأسد كي تحيا أو تموت . كان هذا الرجل ، زعيم ما يعادل أقل من ربع تركيا جغرافياً وديمغرافياً ، لكن الدور الإقليمي الذي يحتوي تركيا كان رهن يده .
آآآآآه يا بلدي ، على أي جنب تتكئي ؟؟ لا شرقك ولا غربك ، ولا جنوبك ولا شمالك .