الخوف قط له عينان تضيئان الظلام..
الخوف.. غطاء أسود..
الخوف.. قطران يذيب القلب..
الخوف.. عمود في مقدمة سيارة مدججة بالجنود والسلاح.
دخل (يرهميئل) الضابط، مع صديقته المجنده (نوريت) على أحد المختصين لمواجهة الحجارة والقطط والمسامير.. و.. الخوف..
قال يرهميئل:
-سيدي.. عمود أمام كل سيارة ينقذنا من الحجارة!.
صرخ المختص:
-لعنة الله على الحجارة!.
-سيدي.. الحجر ليس له شكل.. ولا تعرف من أين يأتيك!.
-قل.. ما قصة العمود؟!..
تحدثت (نوريت) التي تعيش في ضاحية (بات رام) جنوب تل أبيب في فيلا أنيقة...
-نثبت عموداً ثبتت فيه كراسٍ في مقدمة سياراتنا.. ونربط المعتقلين بهذا العمود.. عندئذٍ..
خبط المختص الطاولة بقبضته، ونهض. وخلع نظارته السوداء، وبرقت عيناه:
-فكرة جميلة و.. مبدعه!.
كانت الشمس مازالت باردة حين اقتيد المعتقلون ورُبطوا على أعمدة في مقدمة سيارات الجنود، ودارت السيارات شوارع عين مريك. كفرعين، سلفيت. كفر جمال. بيت تعمر، الطيبة، قلقيلية، كفر مالك، حي الثوري في القدس، أم التينة، بثير، تل صرة، عزموط، برقة. حادث، ومخيمات الشويكة، الشاطئ، البريج، الدهيشة، المغازي، مخيم جنين، طولكرم، الأمعري، قدورة...
أخذ المعتقلون يرسمون بأصابعهم علامة النصر، في مقدمة سيارات الجنود، وبثت عدسات الصحفيين الصور إلى الوكالات العالمية مرفقة بكلمة واحدة.. الخوف..
وزع الناس المسامير على الطرقات، فأخذت العجلات تنفجر. وينفجر معها غضب الجنود..
انزوى الضابط (يرهميئل) مع صديقته المجندة (نوريت) . في فيلتها الأنقية في ضاحية (بات رام) جنوب تل أبيب.
كانا يقضمان أظافرهما. وهما ينامان عاريين إلى جانب بعضهما في سرير واحد، لأن فكرتهما نشلت خوف (الدولة) من الأعماق إلى السطح...