حرب تشرين التحريرية... كما هي في مذكرات الإسرائليين

وسط ما تقوم به جهات عديدة للتقليل من حجم الإنجاز العسكري والسياسي والنفسي لحرب تشرين التحريرية التي اتخذ الرئيس الراحل حافظ الأسد قرار خوضها ضد الكيان الإسرائيلي، تتوالى الوثائق عن حجم الزلزال الذي أحدثته هذه الحرب والصدمة التي تركت آثارها في ذاكرة قادة العدو الذين شهدوها وتلقوا ضرباتها واختبروا تبعاتها.
شهادة جولدا مائير
في كتاب لها بعنوان "حياتي" قالت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل خلال حرب تشرين: " توغل السوريون في العمق على مرتفعات الجولان، وعبر المصريون القناة وضربوا بشدة قواتنا في سيناء، وتكبدنا خسائر جسيمة على الجبهتين. وكان السؤال المؤلم في ذلك الوقت هو ما إذا كنا نطلع الشعب على حقيقة الموقف السيء أم لا، الكتابة عن حرب اكتوبر لا يجب أن تكون كتقرير عسكري بل ككارثة قريبة أو كابوس مروع قاسيت منه أنا نفسي وسوف يلازمني مدى الحياة".
شهادة موشيه دايان
موشيه دايان وزير الحرب الإسرائيلي خلال حرب تشرين، قال في تصريح في كانون الأول 1973: "إن حرب أكتوبر كانت بمثابة زلزال تعرضت له إسرائيل وإن ماحدث في هذه الحرب قد أزال الغبار عن العيون، وأظهر لنا مالم نكن نراه قبلها وأدى كل ذلك إلي تغيير عقلية القادة الإسرائيليين. إن الحرب قد أظهرت أننا لسنا الأقوى وأن هالة التفوق والمبدأ السياسي والعسكري القائل بأن إسرائيل أقوي من العرب وأن الهزيمة ستلحق بهم إذا اجترأوا على بدء الحرب هذا المبدأ لم يثبت، لقد كانت لي نظرية هي أن إقامة الجسور ستستغرق منهم طوال الليل وأننا نستطيع منع هذا بمدرعاتنا ولكن تبين لنا أن منعهم ليست مسألة سهلة وقد كلفنا جهدنا لإرسال الدبابات إلي جبهة القتال ثمنا غاليا جدا، فنحن لم نتوقع ذلك مطلقا".
وفي مذكراته، اعترف دايان أيضا عن اضطرار جيش العدو للانسحاب إلى خط الدفاع الثالث تحت ضربات الجيش السوري، إلى جانب وثيقة أخرى تقول أن دايان نفسه قرر الإنسحاب من الجولان السوري المحتل في ثاني أيام حرب تشرين تحت وطأة الهجوم السوري وأن عشرات الجنود الإسرائيليين قتلوا وأصيبوا "بنيران صديقة" بسبب الإرباك الكبير الذي حدث داخل منظومة الاتصالات والقيادة للقوات الإسرائيلية.
شهادة ناحوم جولدمان
في كتاب له بعنوان "إلى أين تمضى إسرائيل" قال ناحوم جولدمان رئيس الوكالة اليهودية الأسبق: "إن من أهم نتائج حرب أكتوبر 1973 أنها وضعت حدا لأسطورة إسرائيل في مواجهة العرب كما كلفت هذه الحرب إسرائيل ثمنا باهظا حوالى خمسة مليارات دولار وأحدثت تغيرا جذريا في الوضع الاقتصادي في الدولة الإسرائيلية التي انتقلت من حالة الازدهار التى كانت تعيشها قبل عام، غير أن النتائج الأكثر خطورة كانت تلك التي حدثت على الصعيد النفسي .. لقد انتهت ثقة الإسرائيليين في تفوقهم الدائم".
شهادة زئيف شيف
في كتاب له بعنوان "زلزال أكتوبر" قال زئيف شيف المعلق العسكري الإسرائييى: "هذه هي أول حرب للجيش الإسرائيلي التي يعالج فيها الأطباء جنودا كثيرين مصابين بصدمة القتال ويحتاجون إلي علاج نفسي هناك من نسوا أسماءهم. لقد أذهل إسرائيل نجاح العرب في المفاجأة وفي تحقيق نجاحات عسكرية. لقد أثبتت هذه الحرب أن على إسرائيل أن تعيد تقدير المحارب العربي فقد دفعت إسرائيل هذه المرة ثمنا باهظا جدا. لقد هزت حرب أكتوبر إسرائيل من القاعدة إلى القمة وبدلا من الثقة الزائدة جاءت الشكوك وطفت على السطح أسئلة هل نعيش على دمارنا إلى الأبد هل هناك احتمال للصمود في حروب أخرى؟".
الصحفي إيلان كفير
الصحفي الإسرائيلي ايلان كفير نشر هو الآخر كتابا بعنوان: "إخوتي أبطال المجد" كشف فيه أسرارا مثيرة عن الجبهة الإسرائيلية أبرزها قيام كتيبة دبابات إسرائيلية بفتح النيران عن قرب على مجموعة من الجنود الإسرائيليين وقتل بعضهم وجرح الآخرين بدم بارد كما قال أحد الناجين، لمجرد اعتقاد جنود الكتيبة بأن الجنود المقابلين لهم هم جنود فروا من الجيش المصري.
ونقل الكتاب عن أحد الناجين وهو موشيه ليفي قوله :" إنه لم يشفع للجنود الإسرائيليين كونهم عزل لايحملون أي سلاح ويتحدثون العبرية بطلاقة، ويعرفون أسماء قادة الكتائب الإسرائيلية، فقد فتح رفاقهم عليهم النار، فقط لأنهم اعتقدوا بأنهم عرب".
المؤرخ أوري ميلشتاين
في حوار أدلى به لإذاعة اسرائيلية في 10/4/2009، اتهم المؤرخ العسكري المؤرخ العسكري الاسرائيلي أوري ميلشتاين وسائل الاعلام الاسرائيلية بتلفيق قصص انتصار اسرائيل في حرب تشرين، وأورد قصة تروي لأول مرة عن أداء وسائل الاعلام الاسرائيلية ووزير الدفاع الاسرائيلي موشي ديان أثناء اليوم الثالث من الحرب، قال فيها: «في اليوم الثالث من الحرب جمع موشيه ديان رؤساء تحرير الصحف الاسرائيلية، وقال لهم يجب أن نبلغ الشعب بالحقيقة. وقد قررت أن أظهر في التلفزيون، واعترف بهزيمة اسرائيل»، ويضيف: «عندئذ جن جنون رؤساء وتحرير الصحف، خاصة رئيس تحرير هآرتس عاموس شوكين، ورئيس تحرير معاريف، وانطلقوا الى مكتب رئيسة الوزراء غولدا مائير، وهم يصرخون...أنقذينا، أنقذينا، موشيه ديان أصيب بالجنون، يجب منعه من الاقدام على هذه الخطوة. وتطوعت غولدا مائير حينها لمشاركتهم في صناعة الأكاذيب، وعدم مواجهة الشعب بالحقائق».
وردا على سؤال حول قدرة اسرائيل على الصمود في مواجهة إذا اندلعت حرب تشرين جديدة، قال أوري ميلشتاين: «إذا دارت حرب جديدة بين جيشين قد تصمد اسرائيل، لكن الحقيقة أن حرب أكتوبر المقبلة لن تكون كسابقتها، بل ستكون عبارة عن خليط بين المعارك العسكرية التي تدور في ميادين القتال، وبين دروس حرب لبنان الاخيرة (2006) التي شهدت ضربات صاروخية موجهة للتجمعات السكانية والمدن في اسرائيل. وإذا تعرض المواطن الاسرائيلي لضربات صاروخية تسببت في إصابات بالغة، فإنني لا أعتقد أننا سنصمد في هذه الحرب. فمشكلتنا الأساسية تكمن في الثقافة الاسرائيلية، وطريقة تفكير الجمهور الذي يعتقد أن سلاح الطيران المتطور قادر على حل جميع المشكلات. لكن في اللحظة التي نواجه فيها مقاتلين شرسين، يتمتعون بالإصرار والعناد وعلى استعداد للتضحية بأرواحهم للايقاع بالفيل الضخم، فإننا لا نقدر على المواجهة، خاصة أننا نشأنا في ظل ثقافة الصراخ والبكاء المستمر، وهي ثقافة لا تتناسب مع هذا النوع من الحروب الذي قد يشهد وفود آلاف الخلايا القادمة لتنفيذ عمليات ضخمة في العمق الاسرائيلي».

» مذكرات سائح
» تعادل شباب تشرين والوحدة
» الدوري السوري :فوز الشرطة على الاتحاد والوحدة على تشرين
» تعادل سلبي بين تشرين والوثبة لم يرض أصحاب الأرض
» احتفاءً بأعياد تشرين رابطة المتنبي الشبيبية تكرم المتفوقين دراسياً