بإقرار مجلس الوزراء لقانون الأحزاب بصيغته النهائية.. رسمت الحالة السياسية في سورية، الضلع الأول في المربع الأول لحراك مركبة الإصلاح.. هذا لا يعني أن كل ما مضى لم يقدم شيئا على هذا المنحى.. أبداً.. بل لولا الإرهاصات التي عاشها ويعيشها المجتمع السوري ومشاريع الحوار المتعددة – والحوار ناجح دائما مهما كانت النتائج التي يفضي إليها – لما وصلنا اليوم إلى هنا.
ما وصلنا إليه لا ينفي الحاجة للسرعة أكثر في رسم أضلاع المربع كاملة للانتقال منها إلى مربع آخر وهكذا..
تبدو نية الدولة «نظام الحكم» أنها باتجاه دعوة مجلس الشعب لدور استثنائي لإقرار مجموعة قوانين، تشكل أضلاع المربع وهي بالإضافة إلى قانون الأحزاب.. قوانين الإعلام والانتخابات والإدارة المحلية.. وهكذا يكون إقرار مجلس الوزراء لقانون الأحزاب هو خطوة في مشوار يحتاج عدم التباطؤ.. لكنها خطوة هامة جداً.. بل تشكل الخرق الأهم في جدران الثبات السياسي الذي عاشته سورية للمرور باتجاه الحياة السياسية الديناميكية.
الموضوع ليس مراهنة ولكنه استشفاف لاتجاه الحركة.. فإن تابعت الدولة – نرجح أنها ستتابع – خطواتها هذه، نتوقع أن نكون في أواسط الشهر القادم أمام المربع الأول وقد رسم كاملا.. بالقوانين الأربعة المنتظرة المنجزة.
المربع الثاني سيكون الدستور.. تعديلا.. أو تغييرا.. ورغم أن التتابع المنطقي للخطوات يفترض الدستور أولاً.. إلا أننا نرى أن رسم مربع القوانين سيسهل كثيرا من مهمة التوجه للدستور لاسيما وأن مشروع الحوار الشامل مازال مفتوحا وينتظر أن يشهد مداميك جديدة..
هكذا – إن صح تقديرنا – تكون الدولة من حيث هي نظام الحكم.. ماضية في خطتها الإصلاحية.. مسلحة بالمصداقية والجدية وعدم انتظار الرضا.. الدولة بذلك تؤكد أنها لا تبني مشروعا إصلاحيا ليستجيب لأصوات العراضات المختلفة.. بل لمستقبل الدولة والشعب.. وبشيء من الجرأة والسرعة.. سيتحول المشهد السياسي في سورية إلى مشروع إصلاح يمضي مخلفا العراضات على الطريق مثبتة أنها تعارض للمعارضة فقط.. لكنها وفق المتغيرات التي يفرضها تبدل واقع النظام وتغير محتواه.. ستجد نفسها تعارض نظاماً آخر لم يعد ينفع معه التوجه الانتقامي الثأري ضد بنى وأشخاص محددين.. قريبا ستعارض أحزابا منها من سيتولى المعارضة كمسؤولية وطنية.. وستجد نفسها خارج اللعبة.. من يدري لعل في ذلك ما يرعبها..؟! أعني تقدم اللعبة باتجاه الحياة الديموقراطية على أساس الأحزاب وصناديق الاقتراع وحرية الإعلام.
لاحظ معي.. كيفية استقبال الإعلام المتبني للمعارضات والعراضات لإقرار قانون الأحزاب..؟! اليوم سمعت في الـBBC إشارة تكاد لا تسمع على النحو التالي:
- المعارضة تقلل من أهمية إقرار قانون الأحزاب.
نقطة أول السطر..
إن التمادي في هذا الطريق والتقليل من أهمية إقرار وإصدار مربع القوانين هذا.. يعني أول ما يعنيه أن المطالب السياسية لم تكن المحرض الوحيد للحراك الذي حصل.