«حماة الديار عليكم سلام».. تحية من قلب كلّ مواطن سوري إلى جيش سورية، الذي يقدّم اليوم، كما في الماضي، صورةً مشرقة على امتداد ساحات الوطن؛ من خلال تأديته واجبه الوطني القائم على الدفاع عن جميع أبناء الوطن، وحماية الممتلكات العامة والخاصة من المجموعات الإرهابية المسلحة، والتصدي للمؤامرة الخارجية بأقلّ ما يمكن من الخسائر، مقدّماً في ذلك تضحيات جسام من دماء ضباطه وصف ضباطه وجنوده، في ظلّ الأحداث المؤسفة التي تشهدها سورية الحبيبة.
نعم، ليس غريباً على الجيش العربي السوري، الذي شكَّل، منذ تأسيسه في الأول من آب في العام 1945، ضمانةً وطنية لجميع السوريين، الذين آمنوا بدوره في الدفاع عن الأرض والإنسان، وانخرطوا في صفوفه، حتى بات المؤسسة الوطنية الأكثر قرباً من المواطنين، واندمجت ثكناته العسكرية بالقرى والمدن السورية، وأصبحت جزءاً لا يتجزّأ منها؛ تبعث الاطمئنان في قلوب السكان، وتخلق شعوراً بالعزة والقوة والمنعة لديهم.
وعلى مدى ستة عقود، بقي الجيش العربي السوري يمارس مهامه بحرفية واقتدار ومسؤولية عالية، مستمدّاً قوّته من الحالة الشعبية التي منحته ثقتها في جميع أيامه، ووقفت خلفه تسانده وتمدّه بالأبناء، ليبقى قادراً على مواجهة الأعداء ودرء الأطماع التي لا تنقطع عن سورية والأمة العربية.
أعطى النهج القومي لسورية، منذ فجر الاستقلال، بعداً قومياً للجيش العربي السوري. فقضية فلسطين هي قضيته الأولى؛ لأنها قضية العرب الأولى، وكان له في لبنان أياماً خالدة في البطولة، حتى بات شوكة في حلق المتآمرين على الأمة والطامعين بثرواتها.
ولأنَّ سورية في قلب الأمة، كان على جيشها، كما على جميع مؤسساتها، تحمّل تبعات هذا الموقع الحسّاس. فكلّ من يريد النيل من الأمة، عليه أن يستهدف سورية، التي وضعت نصب عينيها حرمة الأرض العربية وجعلها عصية على الأعداء. ودفعت عقيدة الجيش العربي السوري القومية به إلى المشاركة في حرب الإنقاذ في العام 1948 بقيادة فوزي القاوقجي، ووجد نفسه حاضراً في التصدي للعدوان الثلاثي على مصر في العام 1956، وكان للطالب الضابط جول جمال بصمة كبرى عندما واجه بطراده الصغير أعتى البوارج الحربية الفرنسية آنذاك.. وإلى العام 1967 ينقلنا مشهد البطولة، فرغم التآمر عليه وحجب السلاح عنه، إلا أنَّ هذا الجيش العربي كبَّد العدو الإسرائيلي خسائر فادحة، وخاض معه بعدها حرب استنزاف طويلة توّجت بإنجاز حرب تشرين التحريرية عام 1973 بالتنسيق مع الجيش المصري العريق، والتي اجتاز خلالها أبطال جيشنا خط آلون العسكري، الذي كان يوصف بأقوى دشمة عسكرية برية في وقته، وفي الوقت نفسه كان أبطال الجيش المصري ينجزون العبور المائي الأعظم في التاريخ ويخترقون خط بارليف.
وعندما يئست إسرائيل من اختراق الجبهة السورية عبر جبهة الجولان السوري المحتل، حاولت الالتفاف عليها عبر لبنان الشقيق، وسعت إلى جعل الأراضي اللبنانية نقطة ارتكاز توجّه منها الطعنات إلى الجسد السوري، وتؤلمه. وتكرَّرت الاجتياحات الإسرائيلية، بدءاً من العام 1976 إلى العام 1982، وتحوَّل لبنان إلى ساحة تستغلّها إسرائيل لتنفيذ مخططاتها في المنطقة، بعد أن نجحت في إشعال الحرب الأهلية فيها، ليأتي دور الجيش العربي السوري، الذي دخل لبنان بطلب مباشر من الدولة اللبنانية. ونجح الجيش العربي السوري في إنقاذ لبنان من الوقوع في هاوية الحرب الأهلية، واستطاع خلق نواة حقيقية للممانعة في لبنان، قامت على ثلاث ركائز، هي «الجيش، والشعب، والمقاومة»، أثبتت قدرتها لاحقاً على التصدي للأطماع الإسرائيلية ومواجهة جيش العدو ومشاريعه.
بقي الجيش العربي السوري مؤمناً بقيمه العربية، ووضع نصب عينيه تحرير الجولان السوري المحتل، كمنطلق لتحرير بقية الأراضي العربية المحتلة، ولم يتخلَّ الجندي السوري يوماً عن حلم تحرير القدس، ليكرّس بذلك مقولة أنَّ جيش سورية هو جيش العرب.
وعندما أدرك المتآمرون على سورية قوّتها ومنعتها وإيمانها المطلق بهويتها العربية، سعوا للتآمر عليها من الداخل وبثّ التفرقة بين أبنائها لإشغالها عن أهدافها القومية. ومجدداً أثبت الجيش العربي السوري وطنيته، واستطاع أن يجمع السوريين حوله ويطمئنهم مجدداً بأنه متماسك وقادر على تحصين الوطن وحمايته من المتآمرين الذين يعملون بأجندات خارجية.