تحتلّ «الكوميديا» حيّزاً كميّاً جيداً هذا الموسم، بألوانها الفنية المختلفة (الناقد، والساخر، والهزلي، والترفيهي)، وعبر مؤشرات بوصلاتها الاجتماعية المستهدفة، وبالأخذ في الاعتبار أنَّ مجموع الأعمال المعروضة على الشاشة الفضية لا يتجاوز 24 عملاً درامياً بين الاجتماعي والتاريخي والبيئة الشامية وغيرها...
في الجانب الإحصائي، ثلث هذه الحزمة الدرامية تقريباً يصبّ في النوع الكوميدي؛ حيث سيعرض هذا الموسم شيخ المسلسلات الدرامية السورية
(مرايا) للمخرج سامر برقاوي (إعداد الفنان ياسر العظمة). ولا ندري -نحن الجمهور- ما هو الجديد في مرايا 2011، من حيث طرح الموضوع أو القضية وطريقة المعالجة الدرامية.. بانتظار تحقيق مفاجأة نوعية قد تستعيد جماهيرية هذه السلسلة الفكاهية العريقة. والرهان على نجاح المسلسل، فيما يبدو، هو تواصل استقطابه جمهور العائلة على اختلاف مستوياتها الثقافية. وهذا ما يميّزه في الابتعاد عن ثنائية «الفكرة المعقدة، والرمزية».
على الجانب الآخر، وبجزئه الـثامن، يبرز مسلسل «بقعة ضوء» للمخرج عامر فهد (إعداد مازن طه). وهنا نتحدث عن العراقة والجماهيرية؛ إذ إنَّ منافس «مرايا» اللدود، والذي استقطب جمهوراً عريضاً بشرائحه المتنوعة، قد يستمرّ في فعل المفاجأة في الطرح والأسلوب الفني في المعالجة والارتجالات النوعية، التي تضفي على العمل طابعاً مميزاً يلقى قبول الجمهور، رغم كل المآخذ على جزئه السابق من حيث ضعف الأفكار أو المعالجة الدرامية في بعض من حلقاته.
وتقدّم سلسلة «شاميات»، لمؤلفها ومخرجها الفنان فادي غازي، اسكتشات قصيرة، عبر كوميديا الفكاهة، ضمن مونولوجات تحاكي مسلسلات البيئة الشامية وأبطالها وشخصياتها المعروفة، مراهناً على التسويق الجيد، وفق طلب متزايد في سوق الدراما العربية على هذا النوع من الأعمال.
وعبر كوميديا اجتماعية هادفة، تختلف في أسلوبية المعالجة والقوالب الفنية لبقعة ضوء ومرايا، يعود الفنان أيمن زيدان، لمكافحة الفساد الإداري في المؤسسات الحكومية، وذلك من بوابة سلسلته الجديدة من «يوميات مدير عام» للمخرج زهير قنوع وتأليف خالد حيدر، وبجزء ثان بعد غياب 15 عاماً عن النسخة الأولى. ولا يمكن التنبؤ حتى الآن بمدى نجاح هذا الجزء الجديد، قياساً بنظيره القديم الذي حظي بمتابعة جماهيرية واسعة.
وفي سياق «التكرار» المقصود وفق مقاسات الرغبة الجماهيرية والتسويقية، يعود مسلسل «صبايا»، للمخرج ناجي طعمي والكاتبين مازن طه ونور شيشكلي، إلى الواجهة. وإن كان يعاب على هذه الكوميديا التسطيح، وغياب الطرح القوي، وغياب جوهرية المواضيع المطروحة في الحلقات، إلا أنَّ استراتيجية هذا العمل فيما يبدو تستند إلى مجموعة عوامل، تقود إلى تحقيق نجاح ومتابعة مقبولة من قبل شرائح شبابية، لعلَّ أبرزها هو اعتمادهم على أداء الفنانين والأهداف «الترفيهية» التي تدخل في سياق وظائف الدراما. ويبقى الحكم الأخير للجمهور.
أما الجديد من حيث العرض لأول مرة، فيبرز عملان؛ الأول «صايعين ضايعين» للمخرج مصطفى نعمو وتأليف رازي وردة. وهو عمل كوميدي يخاطب الشباب العربي، ويتناول مشكلاتهم الحياتية، وأبرزها البطالة والبحث عن فرص العمل. والفكرة، في حدّ ذاتها، تتمتع بالخصوبة، من حيث طرح المواضيع والتفاصيل الدرامية. وقد يؤدي جمع المسلسل لنجوم من سورية ولبنان ومصر إلى منحه طابعاً أكثر انتشاراً على مستوى الجمهور العربي.
وفي تحدٍّ درامي جديد، يتجسّد العمل الثاني في السلسلة الكوميدية الاجتماعية «خربة»، في تعاون هو الرابع بين المخرج الليث حجو والكاتب ممدوح حمادة، بعد «عالمكشوف» و»بقعة ضوء» و»ضيعة ضايعة». ويتناول العمل بيئة قروية في عاداتها الأصيلة وبعض جوانبها السلبية وصراعاتها العائلية. ويسبغ هذه التفاصيل الطرافة، عبر تجسيد شخصيات مرسومة وفقاً لرؤية قد تكون مكررة من حيث الشكل، لكنها أكثر عمقاً وجرأة من «ضيعة ضايعة» على سبيل المثال. وهذا ما أكده المخرج في أكثر من مناسبة.
وفي ظلّ تكرار معظم المسلسلات الكوميدية بأجزاء جديدة (مرايا، بقعة ضوء، يوميات مدير عام، صبايا، شاميات)، يبقى التحدي الأكبر هو في مدى التجديد الذي سيطرأ عليها، خصوصاً أنَّ «التكرار» وحده قد يحرم العمل كثيراً من الكوميديا. أما التحديات الأخرى فتكمن في العمل الجديد، ومدى تقبل الجمهور للكوميديا بأشكالها المختلفة، خصوصاً في ظلّ الظروف الراهنة.