دكتاتورية مدرستي

مدرستي بأعالي الجبال
شيدوها قبل الإحتلال
ولكثرة الجدار ما مال
تظنه نصبا تذكاريا أو تمثال
ولأن المقاول محتال
جعل بابها نحو الشمال
كي نطوف بها سبعا
قبل أن نجد الباب والبواب
ليعطينا الجواب
قبل أن نجد السؤال

نظام مدرستي متطور
صباحا لا يهم لو تتأخر
فقط إنذار كي لا تتكرر
ولأن برنامجهم متدهور
لم نجد فاصلا بين الأشهر
وحتى أنك يجب أن تحظر
كل الساعات وكل المواد
ولا وقت فراغ هنا يُذكر
ولو تتغيب...طبعا تُحظر

بمدرستي نمارس السلطة
فالبواب لكثرة ما خاب
إهتدى كثيرا ثم عاد وإرتاب
ولأنه مجرد بواب
إصطنع لنفسه ثواب
فلو أنت تدخل تلقى العتاب
من أنت؟ يا أيها الشاب
وأنت متأخر ...عذرا
ستبقى وراء الباب

البستاني لكثرة الشغل
والحمل عليه قد ثقُل
تراه يتأمل فيمن دخل
وحتى من خرج فيه يتأمل
فلا عشب يحتاج منجل
ولا وردا ولا زهرا ولا فل
بحديقة مدرستي فكلها قد ذبل
وأيام الحدائق قد أفل

وبأساتذتنا مثالا نضرب
فالأستاذ عندنا مثل الأب
إن دخل، الكل في صمتهم
دفتر وقلم ومأزر مثقّب
ينادي بأسمائنا وينسى اللقب
ومن طول القائمة أحد لم يجب
ولأنه أستاذ يمقت اللعب
يكتب العنوان ثم يتعب
يمكث طويلا وراء المكتب
ولا ينهض ولا يكتب
ولأن الشاب ذئب مدرّب
والبنت يظنها عقرب
يهاب خوفا أن يقترب
فيملي نصّه من بعيد
ولما يرن الجرس
يلتفت لنعله ثم يذهب

الإدارة من حقوقنا تسلب
وتخطف من حريتنا وتنهب
فإن سألتهم فراغا أقرب
يقال لك :تريد أن تتغيب
حسنا. إنما لدينا طلب؟
آتنا بنعشك أو بكفنك
أو أرنا صورة وأنت معصّب
حقا إنّ نظامهم عجب

وبعدما تشاور حاكم وخادم
قالو:أدخلوهم مجلس الأدب
نُصب لنا فخٌ حق قد نُصب
وعلى عتبات ذاك المسرح
عفوا أقصد مجلس الأدب
من جعلوا مقرهم إسطبلا
أمامه حشيش وملعب
هناك صمت صمته أغرب
وهدوء ما عهدناه لأذاننا يطرب
ودخلنا وريح الثمالة قد وثب
ربما المدير سكير يشرب
وعن شمالنا ترى جحورا
وكأنما هي جحور ثعلب
فيها نائبة ونائب معلّب
ومكتب لا أراه مرتب
وبآخر الردهة غار مظلم
ربما للمدير عرين أنسب
ووقفنا أمامه كله غضب
طالبٌ وصاحبٌ ذي الجُنب
ونطق وأحدث فتنة في الخطب
إذ لم يذكر الله ولا رسوله ولا سلّم
ربما لازال لربه لم يتب
وإستند لقول رعاياه وإستغرب
صمت قليلا ثم وجهه شحب
ولأنه عاقر لم ينجب
قال: يا أولادي... كفى شغب
ونطق من بعده صوت أعذب
إنها السيدة تهمس بلطف
وقالت:كلهم يا سيدي قد أذنب
وسمعت نباح أو عواء كلب
إنه مدير الحراسات كما لُقّب
وصرخ بصوت عالي وصخب
أنّ كلكم سيان سيطرد
ورجع الدور للمدير في الكذب
فقال:أطيعوني فأنا حاكمكم
وإلاّ الويل لكم
إن تسرب الغضب مني وصبب
آه على زمان منه نرتعب
رجل البلوغ بي قد وجب
أوفى لحية وشاربا وشنب
يرديهي ذليلا مهانا
وغد مستنسخ ذو ذنَب
أين رجولتي أين كرامتي
حقا أحسست أنها منّي تهرب
وأنا مطأطأ الرأس وأُعرب
جملة: ((حرية الرد والتعبير))
فوجدتها جملة محذوفة بالتقدير
والفاعل للأسف ضمير مستتير
وقالوا عنها جملةٌ خاطئة التعبير

ويفخرون شرفا كوننا عرب
يا ليتني للعرب لم أنتسب
يا ليت جدي من قبلي إغترب
يا ليت أمي بهذا العصر لم تنجب
يا ليت هاته البلاد تنقلب
لنرى ما بسافلها وما بأعلها
لنرى المهان اليوم مهذب
ونرى رعاء الشاء يُعذّب
ويستوي من بالمشرق والمغرب
والبطّال و صاحب المنصب
وأعيننا تترصد عن كثب
متى تراه حاكمنا ينسحب

أبدان من حطب وخشب
وعقول في أواعي وعلب
أناسٌ سفاهتهم عليهم تغلب

ولأنّ عقولهم لها الجهل إنتصب
ودهاء غباء الله لهم قد وهب
علمت أنهم أصل كل سبب
فإلتفت لصاحبي أبو لهب
وقلت يا هذا لا تستغرب
فهاته... مجرد قلة أدب.