لم يسبق للجيش العربي السوري أن خاض امتحاناً إلا وخرج منه منتصراً بجدارة. وكلما كان الامتحان أصعب، كان أداء هذا الجيش أحسن وأقوى. ومنذ حرب تشرين التحريرية التي لفت أداؤه المتفوق فيها أنظار العالم له، مروراً بمختلف المهمات الوطنية والقومية التي تصدى للقيام بها بنجاح، ظهر أن سر قوته يكمن في معادلة الجمع بين متانة التكوين العقائدي وعصرية الأداء الميداني. والمهمة الوطنية التي يقوم بها الجيش العربي السوري اليوم بتصديه الحازم لقوى التخريب التي تستهدف وحدة سورية وأمن شعبها لاتشذ عن هذه القاعدة. فقد أثبت فيها، ومازال يثبت يومياً، أنه كعادته، جيش عقائدي قوي الإيمان بأهداف وطنه وأمته، ومحصّن في وجه كل محاولات الحرب النفسية الخبيثة التي تستهدف معنوياته، وتسعى للنيل من وحدته وتماسكه ودق الأسافين بينه وبين الشعب، وبينه وبين القيادة. كما أثبت أنه جيش عصري ذو جاهزية بشرية وتقنية كبيرة، وقدرة ميدانية عالية تخطيطاً وتنفيذاً.
على أن الجيش، وكما ظهر من خلال تعاطيه مع الأزمة الراهنة بشكل خاص، لايستمد قوته وثقته الكبيرة بنفسه من صلابة عقيدته ونجاعة أدائه فقط، بل يستمدها أيضاً من العلاقة المتينة والمفعمة بأعمق المشاعر الوطنية والإنسانية التي تربطه بالشعب، والتي تجلّت في الاستقبالات الشعبية الحارة التي أُعدت له حيثما توجّه مستجيباً لنداء الواجب الوطني، واجب الدفاع عن أمن وأمان الوطن والمواطن، كما تجلت في أجواء الانسجام والتعاون التي ميّزت التعامل بينه وبين أفراد الشعب من مختلف الشرائح.
إن ما أنجزه الجيش العربي السوري البطل، من خلال دوره الإنقاذي الوطني الشجاع، في حماية الشعب والذود عن الوطن، يُعدّ حيوياً وكبيراً بكل المقاييس. وهو مستمر في هذا الدور العظيم، وفي بذل التضحيات، وتقديم الشهداء حتى نهاية الأزمة، لاتثنيه المصاعب، ولايؤثر فيه سلاح الحرب النفسية القذرة، ولاترهبه أعمال الغدر، ولاحتى المجازر الوحشية التي تعرّض لها.. فكل ذلك لاينال من صموده وعزيمته، ولايزيده إلا تمسكاً بدوره وإصراراً على تحقيق أهدافه.
وإذا كان هذا الجيش قد حظي بمحبة الشعب وتقديره، سواء في أوقات الحرب أم في الأوقات العادية، فإنه اليوم يتحرك ويعمل بتفانٍ وإخلاص في مواجهة المخربين الضالعين في التآمر ضد الوطن، مدفوعاً بقوة الشعور بالواجب الوطني، ومحاطاً بفيض مشاعر التأييد الشعبي. وليس ما تقوم به فعاليات المجتمع الأهلي المختلفة من أنشطة احتفالية سياسية وثقافية متنوعة تعبيراً عن تأييدها له واعترافها بجميله واعتزازها بدوره، سوى دليلٍ على مايجمع بين الجيش والشعب من وحدة لاتنفصم ومايربط بينهما من ثقة عميقة متبادلة. وتلك هي كلمة السر في علاقة الجيش والشعب. فبقدر مايُحوّل الجيش التأييد الشعبي إلى أداء ناجعٍ في الميدان، وبقدر مايزيده هذا التأييد إيماناً بواجبه وتصميماً على إنجاز مهمته، بقدر مايدرك الشعب عظمة دور الجيش وحجم تضحياته الكبير، ويقف معه مؤمناً بأن هذا الجيش الذي انتصر في حرب تشرين، ودافع عن وحدة وعروبة لبنان، وحمى ظهر المقاومات العربية، لابدّ منتصرٌ على فلول عصابات التخريب والإجرام التي دفعها الإفلاس مؤخراً إلىاستهداف القطارات والحافلات وأنابيب النفط، والتي لم يُبقِ ماأبداه الرئيس الصهيوني من إعجاب بها، وماأعلنه زعيم القاعدة من تأييد لها، أي مجال للشك في هويتها الإرهابية السوداء...
تحية حب وتقدير، وشكر وامتنان، وافتخار واعتزاز من جماهير سورية والأمة العربية لوريث بطولات ميسلون وملاحم تشرين في عيده السادس والستين، فما يقوم به هذا الجيش البطل اليوم ليس فقط حماية الشعب والذود عن أمن الوطن واستقراره، بل وأيضاً الدفاع عن سورية القلعة العربية الأخيرة الصامدة في وجه مختلف المؤامرات والمخططات الإمبريالية والصهيونية التي تستهدف القضاء على العروبة المقاوِمة.