فض بكارة الحرية في قطر..!

في قطر حيث العروبة تأشيرة دخول، وحيث المواطنة ثلاث درجات (شيخ، ومواطن، ومواطن بالتجنيس)، حيث العامل الأجنبي في سجن الإقامة الجبرية، حيث لا أحزاب ولا انتخابات، حيث إذا طلب مواطن عربي إذناً لتنظيم مظاهرة احتجاج يُسجن في سجن الترحيل ويُطرد، نعم في قطر ولغير القطريين والعرب المقيمين في قطر يغنى للحرية.
ِِهو أضخم إنتاج فني عربي في أصغر مسرح عربي لا يتجاوز عدد المقاعد فيه 500 مقعد ربما كي لا يشاهد الحفل القطريون، وقد غنى نخبة من الفنانين العرب المهمشين والمهملين من الإعلام الخليجي أوبريت الحرية، على مدار ثلاثة أيام، وغنوا للحرية في تونس وليبيا ومصر واليمن وسورية فقط لا غير وبالاسم تكلم الفنان وجدي العربي عنهم، ولم يتطرق لا لقطر ولا للخليج، ولكن خلف الفنان سميح شقير مرت قطر في شاشة العرض السينمائي تكاد تقول قطر "قمعستان" هي المثال لكم يا ثوار العرب، وفي صور لأبراج الشركات الغربية وكأنها معامل سلاح وسيارات ومصانع علماء، تبرز قطر وكأنها واحة للحرية أو شبه جزيرة للحرية والديمقراطية، وهناك حيث لا انتخابات ولا استفتاء ولا بيعة غنى للحرية.
في بلد بلا قانون إعلام لا يمكن تسميه قناة الجزيرة إلا القناة الحكومية الثانية، وبرعاية قناة الجزيرة الحكومية المملوكة من الأسرة الحاكمة وبالتعاون ما بين الحي الثقافي ووزارة الثقافة أقيم أوبريت الحرية في قطر، في الحي الثقافي بمسرح صغير وليس في مسرح قطر الوطني، وقام الفنان حميد الشاعري بشكر أمير قطر على ما قدّمه للشعب الليبي من غارات قام بها الطيران القطري إلى جانب طيران الناتو لمساعدة وزير عدل القذافي على القيام بانقلاب عسكري يعيد علم السنوسي ويطيح بالقذافي.
وكون الفنان إيمان البحر درويش ضمن الفنانين كان معظم الحضور من المصريين، وبلا حضور قطري إلا من منظمي الحفل، وسوريين لا يتجاوزون العشرة أشخاص من بين ما يزيد عن عشرين ألف سوري مقيمين في قطر، وعدد من المعارضين السوريين ليطلبوا من سميح شقير يا حيف، من الصفوف الخلفية، ولكن ليس يا حيف تقتل العراقيين واليمنيين والأفغان من مطارات أمريكية في قطر، بل يا حيف التي غنيت قبل التحقق من الذي يحدث على الأرض والتي لم يتلوها أي موقف سياسي من الفنان سميح شقير المقيم حالياً في فرنسا وعلى وشك إصدار عمل جديد من فرنسا.
غنى للقدس ولكن الأغاني لم تتحول إلى مال الغاز لدعم أهالي القدس للصمود، بل بقيت غناء للقدس على وقع التهويد، غنى للعروبة وكل العرب يحتاجون تأشيرات دخول إلى قطر، ولم تعطِ العربي المقيم في قطر حق السفر دون تصريح الكفيل، غنوا لفلسطين ولكن لم تتحول الأغاني لرواتب موظفي السلطة الفلسطينية دون ثمن سياسي في الجامعة العربية، غنى للحرية ولكن حرية الناتو في القصف بالعراق وليبيا واليمن ولو أمكن في سورية، غنى نخبة من الفنانين أوبريت الحرية على وقع طلب تدخل الناتو في سورية، والاحتلال الأمريكي للعراق والخليج ، وغنى للشهداء، ولكن ليس لمليوني شهيد عراقي وعشرات آلاف شهداء قصف الناتو في ليبيا، ولكن لشهداء قناة الجزيرة فقط، فقد أصبحت الجزيرة هي تاريخ العرب وشهدائهم، وكل الاحترام لبعض الفنانين ولكن عندما غنوا أوبريت الحرية قطر فضت بكارة الحرية، وعندما تكلموا عن العالم العربي ما قبل الجزيرة نذكرهم بأن العالم العربي ما قبل الجزيرة كانت فيه قواعد الاحتلال الأمريكي خجولة ولم تكن الجزيرة إلا مقدمة لتوسيع القواعد الأمريكية.
نعم يا أعزائي الفنانين الذين شردكم الإعلام الخليجي والإعلام العربي المتأمرك، على بعد كيلومترات قليلة من القواعد العسكرية الأمريكية التي قصفت العراق، غنيتم للحرية، وعلى بعد كيلومترات قليلة من سجن الترحيل الذي يعج بالعرب الموقوفين فقط لأن لهم حقاً لم يقبضوه حين انتهى عملهم، أو لأن طائرتهم متأخرة عن موعد إقامتهم، هناك في قطر حيث تستقبل المعارضة السورية بالأموال ولا يسمح لها بتنظيم حتى اعتصام أو مظاهرة ولو بدون دعوة، نعم كان هناك خمسة مواطنين من الجالية السورية طلبوا إذناً بالتظاهر فطردوا، ولا يُستقبل إلا معارضو النظام من أصحاب الجنسية المزدوجة ولا يحق لهم التظاهر إلا في شهر إجازات الصيف حين تكون الحرارة 50 درجة وبدون دعوة، وحتى برهان غليون نفسه إذا طلب حق التظاهر سيطرد من قطر فهو لا يستقبل إلا بالمال.
أعزائي الفنانين التقدميين وغير التقدميين، الملتزمين والرجعيين الذين غنيتم في قطر، في أوبريت الحرية، يا من دمركم الإعلام المتأمرك، يا سميح شقير وإيمان البحر درويش، يا حميد الشاعري وعلي الحجار، يا وعد البحري ومجد القاسم، أريد أن أخبركم أن قرغيزيا تقبض ثمن وجود القواعد الأمريكية 2 مليار دولار سنوياً، وكل العرب الذين يستضيفون القواعد الأمريكية في الخليج لا يقبضون، بل يدفعون للمحتل كما دفعوا لكم!.